يلعب هرمون التستوستيرون، المعروف أيضاً بهرمون الذكورة، دورًا حيويًا في صحة وعافية الرجل فهو مسؤول عن الحفاظ على كتلة العضلات وكثافة العظام وإنتاج خلايا الدم الحمراء والصحة الجنسية. في حين أن مستويات هرمون التستوستيرون تنخفض بشكل طبيعي مع تقدم العمر، فإن التراجع الكبير أو الخلل في التوازن يمكن أن يؤدي إلى انخفاض هرمون التستوستيرون، المعروف طبيًا باسم قصور الغدد التناسلية. يعد التعرّف على العلامات المبكرة لانخفاض هرمون التستوستيرون أمرًا ضروريًا للتدخل في الوقت المناسب والحصول على العلاج الفعّال.
سنلقي في هذه المقالة نظرة أقرب على العلامات المبكرة لانخفاض هرمون التستوستيرون وأسبابه المحتملة ومتى يجب طلب المساعدة الطبية.
فهم مستويات هرمون التستوستيرون
تتقلب مستويات هرمون التستوستيرون طوال حياة الرجل. ترتفع مستويات هذا الهرمون أثناء البلوغ لدعم تطور الخصائص الجنسية الثانوية مثل الصوت الخشن وشعر الوجه والجسم وزيادة كتلة العضلات. تبلغ هذه المستويات ذروتها في أواخر سن المراهقة وأوائل العشرينات، ثم تنخفض تدريجيًا بنحو 1% سنويًا بعد سن الثلاثين.
تتراوح مستويات هرمون التستوستيرون الطبيعية عند الرجال عادةً بين 300 إلى 1000 نانوجرام لكل ديسيلتر (نانوغرام/ديسيلتر) وتبدأ أعراض انخفاض هرمون التستوستيرون في الظهور عندما تنخفض المستويات عن هذا النطاق.
العلامات المبكرة لانخفاض هرمون التستوستيرون
يمكن أن يؤثر انخفاض هرمون التستوستيرون على جوانب مختلفة من الصحة البدنية والعاطفية والنفسية. فيما يلي أبرز العلامات المبكرة التي يجب الانتباه إليها:
1. التعب وانخفاض الطاقة
يعد الشعور المستمر بالتعب من أول علامات انخفاض هرمون التستوستيرون. فعلى الرغم من النوم الكافي والراحة، قد يشعر الرجال الذين يعانون من انخفاض هرمون التستوستيرون بالتعب طوال اليوم ويمكن أن يؤثر هذا الإرهاق على الأنشطة اليومية وأداء العمل والدافع.
2. انخفاض الرغبة الجنسية
يعتبر هرمون التستوستيرون المحرك الرئيسي للرغبة الجنسية لدى الرجال وغالبًا ما يكون الانخفاض الملحوظ في الرغبة الجنسية أو الاهتمام بالنشاط الجنسي بمثابة علامة على وجود مشكلة. في حين أنه من الطبيعي أن يتغير مستوى الرغبة الجنسية، فإن الافتقار المستمر للإثارة قد يشير إلى مشكلة هرمونية كامنة.
3. ضعف الانتصاب
يلعب هرمون التستوستيرون دورًا هامًا في حدوث الانتصاب والحفاظ عليه. قد يواجه الرجال الذين يعانون من انخفاض هرمون التستوستيرون صعوبة في تحقيق الانتصاب أو يلاحظون أن انتصابهم أقل صلابة. من المهم ملاحظة أن ضعف الانتصاب يمكن أن ينتج أيضًا عن عوامل أخرى، مثل مشاكل القلب والأوعية الدموية أو الإجهاد.
4. تغيرات المزاج
يمكن أن تؤثر الاختلالات الهرمونية على تنظيم الحالة المزاجية. غالبًا ما يرتبط انخفاض هرمون التستوستيرون بأعراض الاكتئاب والتهيج والقلق. قد يعاني الرجال أيضًا من مشاعر الحزن أو قلة التركيز أو انخفاض الثقة بالنفس.
5. فقدان كتلة العضلات
يعد هرمون التستوستيرون ضروريًا لبناء كتلة العضلات والحفاظ عليها. قد يلاحظ الرجال الذين يعانون من انخفاض هرمون التستوستيرون انخفاضًا في قوة العضلات أو يجدون صعوبة في تحقيق أهداف اللياقة البدنية على الرغم من ممارسة الرياضة بشكل مستمر.
6. زيادة الدهون في الجسم
يمكن أن يؤدي انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون إلى تغييرات في تكوين الجسم، بما في ذلك زيادة تراكم الدهون. قد يصاب بعض الرجال بالتثدي، وهي حالة تتميز بتضخم أنسجة الثدي.
7. انخفاض كثافة العظام
يساهم هرمون التستوستيرون في الحفاظ على صحة العظام من خلال دعم إنتاج أنسجة العظام. يمكن أن يؤدي تراجع مستويات هذا الهرمون إلى انخفاض كثافة العظام، مما يزيد من خطر الإصابة بالكسور أو هشاشة العظام.
8. تساقط الشعر
يؤثر هرمون التستوستيرون على نمو الشعر، بما في ذلك شعر الوجه والجسم. قد يلاحظ الرجال الذين يعانون من مستويات منخفضة ترقق الشعر أو تناقص شعر الجسم.
9. مشاكل الذاكرة والقدرات الإدراكية
يُعتقد أن هرمون التستوستيرون يلعب دورًا في الوظيفة الإدراكية. قد يلاحظ الرجال الذين يعانون من انخفاض هرمون التستوستيرون ضعف في الذاكرة، أو صعوبة التركيز، أو الشعور العام بتشوش الدماغ “ضباب الدماغ”.
10. اضطرابات النوم
قد ترتبط مشاكل النوم، بما في ذلك الأرق أو اضطرابات أنماط النوم، بانخفاض مستويات هرمون التستوستيرون وقد يسبب كذلك حالات مثل انقطاع النفس أثناء النوم.
الأسباب المحتملة لانخفاض هرمون التستوستيرون
يمكن أن يساعد فهم الأسباب الكامنة وراء انخفاض هرمون التستوستيرون في معالجة الحالة بشكل فعال. تشمل العوامل المحتملة ما يلي:
- العمر: يحدث انخفاض طبيعي في مستويات هرمون التستوستيرون مع التقدم في العمر.
- الحالات الطبية: يمكن أن تساهم حالات مثل السمنة والسكري ومتلازمة التمثيل الغذائي في انخفاض هرمون التستوستيرون.
- الإصابة أو العدوى: يمكن أن يؤثر حدوث إصابة في الخصيتين أو بعض الالتهابات على إنتاج هرمون التستوستيرون.
- الأدوية: قد تتداخل بعض الأدوية، بما في ذلك الستيرويدات والأفيونيات، مع إنتاج الهرمونات.
- المرض المزمن: يمكن أن تؤدي حالات مثل أمراض الكلى أو أمراض الكبد أو السرطان إلى اختلال التوازن الهرموني.
- عوامل نمط الحياة: يمكن أن يلعب سوء التغذية والإفراط في تناول الكحول والتدخين وقلة النشاط البدني دورًا في انخفاض التستوستيرون.
متى يجب طلب المساعدة؟
إذا كنت تعاني من واحد أو أكثر من الأعراض المذكورة أعلاه، فمن المهم طلب المشورة الطبية. إليك الحالات التي يجب أن تفكر فيها في استشارة أخصائي الرعاية الصحية:
- أعراض مستمرة: حدد موعدًا مع طبيبك إذا استمرت الأعراض لعدة أسابيع وأثرت على حياتك اليومية.
- تأثير شديد على جودة الحياة: إذا كانت أعراض انخفاض هرمون التستوستيرون تؤثر على صحتك النفسية أو علاقاتك أو أدائك في العمل، فيجب الحصول على استشارة طبيب مختص.
- مشاكل صحية مرتبطة: إذا كانت الأعراض مصحوبة بعلامات تشير لوجود مشاكل صحية أخرى مثل زيادة الوزن أو انقطاع التنفس أثناء النوم فيجب الحصول على الرعاية الطبية في أسرع وقت.
الفحوصات والتشخيص
يتضمن تشخيص انخفاض مستويات التستوستيرون القيام بتقييم شامل للأعراض وإجراء فحوصات الدم لتحديد مستويات التستوستيرون الحالية. يتم إجراء الفحوصات عادةً في الصباح عندما تكون المستويات في أعلى معدلاتها. قد يكون هناك حاجة لفحوصات إضافة لتحديد الأسباب الكامنة مثل:
- مستويات الهرمون المنشط للجسم الأصفر
- مستويات البرولاكتين
- تعداد الدم الكامل
- فحص كثافة العظام
خيارات العلاج
يعتمد علاج انخفاض التستوستيرون على السبب الكامن وراءه ومدى شدة الأعراض. تشمل طرق العلاج الشائعة ما يلي:
1. العلاج ببدائل التستوستيرون (TRT)
يعد العلاج ببدائل التستوستيرون أكثر طرق علاج انخفاض التستوستيرون شيوعاً ويمكن إعطاؤه عن طريق الحقن أو الجل أو اللصاقات أو الأقراص. يساعد العلاج ببدائل التستوستيرون في تحسين الأعراض مثل التعب وانخفاض الرغبة الجنسية وتقلبات المزاج ولكن من الضروري مناقشة المخاظر والفوائد المحتملة مع طبيبك قبل البدء بالحصول على العلاج.
2. تغييرات نمط الحياة
يساعد تبني نمط حياة صحي في تحسين مستويات التستوستيرون بشكل ملحوظ. يمكنك ذلك من خلال:
- ممارسة الرياضة بانتظام: يمكن لممارسة تمارين المقاومة والتدريب المتواتر عالي الكثافة تعزيز مستوى التستوستيرون.
- اتباع حمية متوازنة: يساعد اتباع نظام غذائي غني بالبروتين والدهون الصحية والحبوب الكاملة في دعم التوازن الهرموني في الجسم.
- إدارة الوزن: يساعد الحفاظ على وزن صحي في منع تدهور مستوى التستوستيرون بشكل أكبر.
- النوم بشكل كاف: يجب الاهتمام بالحصول على قسط جيد من النوم لدعم التوزان الهرموني في الجسم.
3. معالجة المشاكل الصحية الكامنة
يجب علاج الحالات الصحية مثل السمنة أو السكري أو انقطاع التنفس أثناء النوم للمساعدة في تحسين مستويات التستوستيرون وصحة الجسم بشكل عام.
مخاطر انخفاض هرمون التستوستيرون غير المعالج
إن تجاهل أعراض انخفاض هرمون التستوستيرون قد يؤدي إلى مضاعفات صحية طويلة الأمد، بما في ذلك:
- زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية
- هشاشة وكسور العظام
- انخفاض جودة الحياة
- الاكتئاب أو القلق المستمر
- ضعف الوظيفة الجنسية
الخلاصة
انخفاض هرمون التستوستيرون هو حالة شائعة ولكن يمكن علاجها. إن التعرف على العلامات المبكرة وطلب المشورة الطبية في الوقت المناسب يمكن أن يحسن جودة حياتك بشكل كبير. إذا كنت تشك في إصابتك بانخفاض هرمون التستوستيرون، فاستشر أخصائي صحة الرجل لإجراء تقييم شامل وخطة علاج شخصية.
تذكر أن اتخاذ خطوات استباقية نحو صحتك يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في منع المضاعفات واستعادة صحتك إلى المستوى الأمثل.