الوسواس القهري (اضطراب الوسواس القهري) هو اضطراب مزمن و شائع يتصف بالهواجس (الأفكار المتكررة)، أو التصرفات القهرية (السلوكيات) أو كليهما. كما يعاني بعض المصابين من اضطراب التشنج اللاإرادي، إما بشكل متقطع أو لفترات قصيرة أو بشكل مستمر، مثل رسم ملامح التشاؤم على الوجه، أو هز الكتف لا إرادياً، الرعشة، الرجيج في الرأس أو الكتفين، العرات الصوتية مثل الإستنشاق المتكرر، الشخير أو السعال الحاد.
بمرور الوقت قد تخف أعراض الوسواس القهري أو تتفاقم أو تظهر وتختفي. قد يحاول المصابون التخفيف من حالتهم إما عن طريق تجنب حالات التشنج والغضب أو أنهم قد يتناولون الكحول أو المخدرات في محاولة لتهدئة أنفسهم. فعلى الرغم من أن معظم البالغين المصابين بالوسواس القهري يلاحظون أن هواجسهم و / أو اسلوب تعاملهم بات غير منطقي، إلا أن بعض البالغين ومعظم الأطفال قد لا يدركون أن سلوكهم لم يعد كالمعتاد.
عادة يكون الآباء أو المعلمين هم أول من يلاحظ أعراض الوسواس القهري عند الأطفال.
ما هي أسباب الوسواس القهري؟
لا تزال أسباب الوسواس القهري غير محدّدة حتى اليوم، إلا أن بعض الحالات ترتبط بأسباب مختلفة تتعلّق إما بالشخص بحد ذاته، وإما ببعض الخصائص البيئية والأسرية. ومن بين هذه الأسباب:
– العامل الوراثي: يلعب التاريخ العائلي بالإصابة بالوسواس القهري دوراً مهماً على صعيد تزايد خطر الإصابة به بين أفراد العائلة الواحدة.
– تغيّرات دماغية أو جسدية: يمكن للتغيّرات التي تطرأ بشكل مفاجئ على الدماغ أو على وظائف الجسم أن تؤدي إلى الوسواس القهري
– انعكاس بعض السلوكيات على نمط حياة المريض: في بعض الحالات يمكن للمريض أن يتعلّم بعض السلوكيات المرتبطة بالوسواس القهري سواء من الأجواء العائلية أو من الأصدقاء المقربين منه، ومع الوقت تصبح هذه السلوكيات جزءاً من شخصيته وتصرّفاته.
ما هي أعراض الوسواس القهري؟
تقسم أعراض الوسواس القهري بين الأفكار التي تسيطر على المريض والسلوكيات اللاإرادية التي يقوم بها. ويمكن تصنيفها ضمن فئتين رئيسيتين:
قد تشمل الأفكار القهرية ما يلي:
- الخوف من التلوث أو الجراثيم
- القلق بشأن نوع من الأذى الذي يصيب النفس أو الآخرين
- الخوف من الخطأ أومن فقدان شيء ما
- التفكير بأمور غير مرغوب فيها ومحرمة تشمل الدين والجنس وما إلى ذلك
- ترتيب الأشياء بشكل متناظر أو بترتيب مثالي
- قد تشمل التصرفات القهرية ما يلي:
- تنظيف أو غسل جزء من الجسم كغسل اليدين بشكل مفرط
- الإحتفاظ بأشياء غير ضرورية
- الترتيب المفرط أو طلب أشياء بطريقة محددة ودقيقة
- القيام بمراجعة الأمور بشكل متكرر، كالتأكد من أنك قمت بإغلاق الباب أكثر من مرة
- عد الأشياء بشكل متكرر
- البحث عن الطمأنينة باستمرار
ولكن تجدر الإشارة في هذا الإطار، إلى أن بعض العادات الحياتية التي يتّبعها الأشخاص لا تعتبر سلوكيات قهرية، مثل النظافة الشخصية والترتيب والتحقق من الأغراض. إنما متى تفاقمت هذه العادات وتحوّلت إلى هوس يسبّب القلق للأشخاص، فحينها يمكن تصنيفها ضمن خانة السلوكيات القهرية.
ما الفرق بين العادات اليومية والسلوكيات القهرية؟
بعض العادات اليومية يمكن أن تتشابه إلى حد كبير مع السلوكيات القهرية لدى مريض الوسواس القهري، إلا أنه يمكن التمييز بينها من خلال بعض النقاط الأساسية:
– لا يتمكّن مريض الوسواس القهري من التحكّم بسلوكياته القهرية، على خلاف العادات الطبيعية التي يمكن السيطرة عليها وتطبيقها عند الحاجة
– العادات اليومية لا تتطلّب الكثير من الوقت لتطبيقها، على خلاف السلوكيات القهرية حيث يمضي المريض ساعة أو اكثر في تطبيقها، مثل التحقّق من الأغراض أو احتسابها أو ترتيبها
– عدم الشعور بالرضا حتى بعد السلوكيات القهرية، على خلاف العادات اليومية التي تؤدي إلى الشعور بالرضا.
ما هي عوامل الخطر التي قد تؤدي للإصابة بالوسواس القهري؟
يمكن لبعض العوامل التي يتعرّض لها الشخص ان تزيد من خطر إصابته باضطراب الوسواس القهري. ومن بين هذه العوامل:
– الأجواء العائلية حيث إن أحد الأفراد الذي يعاني من الوسواس القهري أن يعكس سلوكياته على أفراد العائلة الآخرين فيكتسبون هذه التصرّفات ويطبّقونها في حياتهم اليومية.
– الصدمات والأحداث المفاجئة هي أيضاً من بين العوامل التي تزيد من خطر الوسواس القهري، نتيجة ما تولّده من شعور بالتوتر والقلق المستمرين.
– الاضطرابات العاطفية التي يمرّ بها الشخص يمكن أيضاً أن تعرّضه أكثر للوسواس القهري حيث تزيد من ردة فعله حيال العديد من الامور التي تحصل معه.
– بعض الأمراض النفسية التي تسبب خللاً في الدماغ أو الصحة العقلية وتولّد مشاعر القلق والاكتئاب لدى المريض.
ما هي المضاعفات التي تنجم عن الوسواس القهري
بما أن الوسواس القهري يفرض على المريض اتباع بعض السلوكيات لا إرادياً ومن دون القدرة على السيطرة أو التحكّم بها، فيمكن لهذا المرض أن يؤثر على نمط حياة المريض بشكل مباشر. ومن بين المضاعفات التي تنتج عن هذه الحالة:
– تكرار التصرّفات بشكل مفرط من دون القدرة على التحكّم بها
– بعض المشاكل الصحية الجسدية مثل تضرّر البشرة نتيجة الاغتسال المفرط
– صعوبة إتمام المهام اليومية سواء في العمل او المدرسة أو الجامعة
– تفادي الاختلاط مع الآخرين وتجنّب اللقاءات الجماعية نتيجة الخوف من الجراثيم أو العدوى
– صعوبة إنشاء علاقات نتيجة الخوف من الاقتراب من الآخرين
– عدم القدرة على التأقلم في الأماكن العامة
– اضطرابات في النظام الغذائي والعادات اليومية
كيف يتم تشخيص الوسواس القهري؟
يحتاج الطبيب النفسي الى اعتماد بعض الخطوات الضرورية لتشخيص الوسواس القهري، حيث يقوم بفحوصات نفسية وجسدية، وهي موزّعة وفق ما يلي:
– التقييم النفسي للمريض حيث يحرص الطبيب على الاطلاع على السلوكيات التي يقوم بها المريض والأفكار والمخاوف التي تراوده، ومن ثم مناقشة أسبابها وتأثيرها على حياة المريض.
– الطلب من المريض تسجيل سلوكياته وأفكاره بشكل يوميّ على مفكّرة خاصة لمناقشتها خلال جلسة المراجعة مع الطبيب
– الفحوصات الجسدية للتأكد من ان الأعراض التي يعانيها المريض لا تنتج عن حالات صحية معيّنة مختلفة عن الوسواس القهري.
كيف يتم علاج الوسواس القهري؟
بعد التشخيص الدقيق الذي يجريه الطبيب وتحديد حالة المريض على أنها وسواس قهري، يحدّد الطرق المناسبة لعلاج هذه الحالة. وغالباً ما يتبع الاجراءات الطبية التالية:
– الأدوية المخصصة للوسواس القهري: ويصفها الطبيب النفسي بعد تحديد الأعراض التي يعانيها المريض ومدى حدّتها. ومن بين هذه الأدوية هناك مضادات الاكتئاب والادوية المضادة للذهان وغيرها.
– العلاج المفسي حيث يقوم الطبيب النفسي بتخصيص عدد من الجلسات المحدّدة للمريض بهدف مساعدته على التخلّص من سلوكياته القهرية واستعادة نمط حياته المعتاد.
وفي بعض الحالات، يمكن للطبيب أن يدمج بين العلاجين معاً، أي اتباع جلسات علاجية متخصّصة إلى جانب تناول الأدوية المناسبة، وذلك تبعاً لحالة كل مريض.